الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

عايز تاخد ثواب ببلاش؟!!!

من أكثر العناوين التي تستفزني عن فتح صندوق بريدي الالكتروني، وغالبا ما تجد فحوى الرسالة هو أنك تستطيع أن تحصل على آلاف الحسنات لو فعلت كذا وكذا أو قلت كذا وكذا وكأن المسلم تحول إلى ماكينة لتجميع الحسنات والثواب بأقل جهد ممكن، ووصلت نظرية "ليه ممكن تدفع أكتر" إلى الدين وأصبحنا نحاول جمع الحسنات ونحن نجلس في بيوتنا وعلى مقاعدنا أمام التلفاز أو الحاسوب.

مثال على بعض هذه الرسائل، هو أن تدعو للمسلمين أحياء وأمواتا وبذلك تحصل على ثواب كبير، أو أن تردد دعاء معينا، أو أن تقرأ بعض السطور، وهذا هو الحل السحري لجمع الحسنات ودخول الجنة بلا عناء أو مجهود أو ابتلاء، ونسي هؤلاء أو تناسوا الآيات الكريمة التي تقول:

م حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب" (البقرة: 214)

"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" (آل عمران : 142)

"أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون" (التوبة : 16)

"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" (العنكبوت : 2)

هذه الظاهرة التي تعد في وجهة نظري أحد صور علمنة الإسلام واختزاله في بعض الأدعية والأقوال التي تصل في بعض الأحيان أن يرددها البعض دون وعي أو فهم طمعا في الثواب السريع " التيك أواي" ثم يعود إلى ماكان يفعله سواء كان حلالا أم حراما أم مباحا أم مكروها، سواء كان يستفيد بوقته أم يضيعه، سواء كان ما يفعله في مصلحته ومصلحة الإسلام والمسلمين أم لا، لا يهم فقد قال بتحصيلب آلااف الحسنات و"الحسنة بعشرة أمثالها"، فهذا الرصيد سوف يغطي السيئات ويقضي عليه.

لا انتقد من يقومون بإرسال هذه الرسائل أو ادعوهم إلى التوقف عما يفعلون أو أشكك في نواياهم، بل ادعوهم إلى الفهم الصحيح لشموليه الإسلام وعدم اقتصاره على الاستغفار أو الدعاء دون العمل أو التعب، فالدنيا هي دار للابتلاء والاختبار والمصاعب والمحن، وليست دار الراحة والدعة والكسب السريع، فالخطورة كل الخطورة هو أن نحدد الإسلام في إطار معين أو مجموعة من الأقوال والأفعال، بل الإسلام هو نظام شامل وكامل في كل نواحي الحياة.

ربما كانت هذه نتيجة لعشرات الصور التي نراها في المجتمع التي ترسخ لفكرة فصل الدين عن الحياة واقتصاره على علاقة بين الفرد وربه، وهذا ليس من الإسلام، فالإسلام ليس علاقة بين الفرد وربه فقط، بل هو علاقة بين الناس وبعضهم وبين الحاكم والمحكومين وبين الأمة والأمم الأخرى، وهو ينظم جميع العلاقات والتعاملات بين الناس، وليس مجرد بعض الطقوس التي يتم تأديتها في البيت أو المسجد، وحتى لا أظلم مرسلي هذه الرسائل واحملهم المسئولية، أقول أن هذه ثقافة منتشرة بين معظم الناس، مثل الموظف الذي يصلي ويحافظ على الصوات ويأخذ الرشوة، ومثل الشخص الملتزم أو الملتحي أو لديه زبيبة الصلاة ومع ذلك لا يتحلى بمكارم الأخلاق، أو من يدعي التدين ولا يخلص في عمله، أو من يستخدم الدين فيما ينفعه فقط فيأخد ببعض الكلام ولا يأخذ بالبعض الآخر، والأدهى بعض من نسميهم شيوخ وعلماء الذين يتجاهلون قضايا الأمة ولا يتكلمون سوى عن فقه الطهارة ومكارم الأخلاق، ولا عجب أن تجد المسجد الأقصى يقتحم وبعضهم مازال يتكلم في قضايا فرعية ويتجاهلون الأولويات لالهاء الناس أو للابتعاد عن المشاكل، ولكن علينا ألا نستسلم لمثل هذه الصور، فالدين ليس مجرد مادة غير اجبارية تدرس في المدارس، وليس حركات تؤدى في الصلاة وكفى، وليس دعاء نردده دون فهم أو سعيا لزيادة رصيد الحسنات بلا جهد.

ليست هناك تعليقات: