الخميس، 26 نوفمبر 2009

في أي يوم عيدكم؟


في ليبيا عيد الأضحى يوم الخميس 26 نوفمبر
في السعودية عيد الأضحى يوم الجمعة 27 نوفمبر
في المغرب عيد الأضحى يوم السبت 28 نوفمبر

إن اختلاف مطالع الأهلة بهذه الطريقة في مثل هذا الزمن الذي فيه تقدم كبير في علوم الفلك ليس له إلا تفسير واحد، وهو أن التفتت والتشرذم داخل الأمة الإسلامية ليس له حدود، وأن المسلمين لا يتفقون حتى في تحديد يوم العيد، وكل قطر يستقل برأيه ويرى أنه هو الصحيح، فإذا أخذنا بأنه من الممكن الاختلاف في يوم واحد لتعذر الرؤية فلا يمكن الاختلاف في يومين، والحقيقة أنني لا أرى هذه الظاهرة إلا على ضوء الأهواء السياسية والرغبة في زيادة الفرقة والتشتت، فكما ذكرت أننا وصلنا لمرحلة كبيرة من التقدم في علم الفلك بحيث يمكننا رؤية الهلال بطريقة واضحة (ولا اتكلم عن الحسابات الفلكية التي مازالت عليها اختلاف فقهي كبير)، ولدينا تقدم في مجال الاتصالات بحيث يمكن أن يصل الخبر إلى جميع المسلمين على ظهر الارض في دقائق معدودة، فلماذا التشتت والتفرق، ولماذا يفطر البعض ويذبح الأضحية بينما مازال هناك من هو صائم، وكيف يقف المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها على جبل عرفات في يوم لا يعترف به الآخرون.

إن الدعوة إلى توحيد مطالع الأهلة ليست بالجديدة على العالم الإسلامي، بل عقد العلماء والفقهاء العديد من المؤتمرات والاتفاقات، ولكن كما يقولون "اتفقنا على ألا نتفق" فلا نخرج دائما برأي واحد، ويظل الحال كما هو عليه، فمنهم من يتمسك ببعض الآراء الفقهية القديمة دون فهم، ومنهم من يرى ضرورة تطوير المفاهيم، والفهم الصحيح للأحكام।

وحتى لا يساء فهم كلمة "التطوير"، فمن المعروف أن الفقه متطور ومتغير حسب الزمان والمكان وحسب فهم ظروفهما، وإن كان اختلاف السابقين في توحيد الأهلة لظروف مكانية وزمانية ولتعذر التيقن من الرؤية ووصول خبرها لكل المسلمين، فقد تغيرت ظروف الزمان والمكان وأصبح جمع كلمة المسلمين على توحيد رؤية الهلال ضرورة، فاللهم وحد شملنا ولاتفرق صفوفنا.

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

عايز تاخد ثواب ببلاش؟!!!

من أكثر العناوين التي تستفزني عن فتح صندوق بريدي الالكتروني، وغالبا ما تجد فحوى الرسالة هو أنك تستطيع أن تحصل على آلاف الحسنات لو فعلت كذا وكذا أو قلت كذا وكذا وكأن المسلم تحول إلى ماكينة لتجميع الحسنات والثواب بأقل جهد ممكن، ووصلت نظرية "ليه ممكن تدفع أكتر" إلى الدين وأصبحنا نحاول جمع الحسنات ونحن نجلس في بيوتنا وعلى مقاعدنا أمام التلفاز أو الحاسوب.

مثال على بعض هذه الرسائل، هو أن تدعو للمسلمين أحياء وأمواتا وبذلك تحصل على ثواب كبير، أو أن تردد دعاء معينا، أو أن تقرأ بعض السطور، وهذا هو الحل السحري لجمع الحسنات ودخول الجنة بلا عناء أو مجهود أو ابتلاء، ونسي هؤلاء أو تناسوا الآيات الكريمة التي تقول:

م حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب" (البقرة: 214)

"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" (آل عمران : 142)

"أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون" (التوبة : 16)

"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" (العنكبوت : 2)

هذه الظاهرة التي تعد في وجهة نظري أحد صور علمنة الإسلام واختزاله في بعض الأدعية والأقوال التي تصل في بعض الأحيان أن يرددها البعض دون وعي أو فهم طمعا في الثواب السريع " التيك أواي" ثم يعود إلى ماكان يفعله سواء كان حلالا أم حراما أم مباحا أم مكروها، سواء كان يستفيد بوقته أم يضيعه، سواء كان ما يفعله في مصلحته ومصلحة الإسلام والمسلمين أم لا، لا يهم فقد قال بتحصيلب آلااف الحسنات و"الحسنة بعشرة أمثالها"، فهذا الرصيد سوف يغطي السيئات ويقضي عليه.

لا انتقد من يقومون بإرسال هذه الرسائل أو ادعوهم إلى التوقف عما يفعلون أو أشكك في نواياهم، بل ادعوهم إلى الفهم الصحيح لشموليه الإسلام وعدم اقتصاره على الاستغفار أو الدعاء دون العمل أو التعب، فالدنيا هي دار للابتلاء والاختبار والمصاعب والمحن، وليست دار الراحة والدعة والكسب السريع، فالخطورة كل الخطورة هو أن نحدد الإسلام في إطار معين أو مجموعة من الأقوال والأفعال، بل الإسلام هو نظام شامل وكامل في كل نواحي الحياة.

ربما كانت هذه نتيجة لعشرات الصور التي نراها في المجتمع التي ترسخ لفكرة فصل الدين عن الحياة واقتصاره على علاقة بين الفرد وربه، وهذا ليس من الإسلام، فالإسلام ليس علاقة بين الفرد وربه فقط، بل هو علاقة بين الناس وبعضهم وبين الحاكم والمحكومين وبين الأمة والأمم الأخرى، وهو ينظم جميع العلاقات والتعاملات بين الناس، وليس مجرد بعض الطقوس التي يتم تأديتها في البيت أو المسجد، وحتى لا أظلم مرسلي هذه الرسائل واحملهم المسئولية، أقول أن هذه ثقافة منتشرة بين معظم الناس، مثل الموظف الذي يصلي ويحافظ على الصوات ويأخذ الرشوة، ومثل الشخص الملتزم أو الملتحي أو لديه زبيبة الصلاة ومع ذلك لا يتحلى بمكارم الأخلاق، أو من يدعي التدين ولا يخلص في عمله، أو من يستخدم الدين فيما ينفعه فقط فيأخد ببعض الكلام ولا يأخذ بالبعض الآخر، والأدهى بعض من نسميهم شيوخ وعلماء الذين يتجاهلون قضايا الأمة ولا يتكلمون سوى عن فقه الطهارة ومكارم الأخلاق، ولا عجب أن تجد المسجد الأقصى يقتحم وبعضهم مازال يتكلم في قضايا فرعية ويتجاهلون الأولويات لالهاء الناس أو للابتعاد عن المشاكل، ولكن علينا ألا نستسلم لمثل هذه الصور، فالدين ليس مجرد مادة غير اجبارية تدرس في المدارس، وليس حركات تؤدى في الصلاة وكفى، وليس دعاء نردده دون فهم أو سعيا لزيادة رصيد الحسنات بلا جهد.

الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

الإسلام والدولة الدينية

لاحظت أنه عندما تدور بعض المناقشات بين الكثير من الإسلاميين والعلمانيين استخدام بعض المصطلحات داخل النقاشات، وأشهر هذه المصطلحات : الدولة الدينية، فعندما يدور الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية وفكرة الدولة الإسلامية، تجد العلمانيين يرفضون الفكرة من حيث المبدأ بحجة أنهم ضد الدولة الدينية، والحقيقة أن هذا الموقف يعكس أمرين، الأمر الأول هو اسقاط النظريات الغربية على المجتمع المسلم اسقاطا أعمى دون النظر إلى الفرق بين المجتمعات وظروف تطورها وعلاقتها بالدين، ودون النظر إلى الفرق بين الإسلام والمسيحية من حيث التطبيق في نظام الحكم، والأمر الثاني هو الجهل بالمبادئ الأساسية في الإسلام ومفهوم الدولة فيه والقوانين الحاكمة بين الأفراد داخل المجتمع الإسلامي، بل وما يزيد الطين بلة هو النقل عن بعض الكتب التي تناولت هذه القضية وأشهرها كتاب "الإسلام وأصول الحكم " لعلي عبد الرازق الذي قيل أنه تراجع عنه فيما بعد، ويكون هذا النقل دون فهم ودون استعداد للمناقشة وكأن ما ذكر في هذه الكتب هو حقائق مثبتة لا مراء فيها، وكأنه لم تظهر عشرات الكتب الأخرى لمفكرين وعلماء لهم وزنهم ردا على هذه الأفكار، واذكر مرة عندما تناقشت أنا وصديق عزيز مع أحد الأشخاص في محاولة لإقناعه بفكرة جدل الإنسان في مقابل فكرة جدل المادة، وتطرق النقاش لبعض الأمور الفلسفية فكان هذا الشخص يقر النظريات الفلسفية الغربية إقرارا تاما ويرى أنها حقائق مثبتة، فكان يقر النظرية الوجودية التي تقول أن "وجود الإنسان أسبق من ماهيته" وكيف أنه يرى أن قائل هذه العبارة قد أثبت صحتها في حين أنه كان يرفض الرأي الآخر (الذي هو وجهة النظر الإسلامية)ويعتبره مجرد رأي، مع أن نظريته هذه مجرد رؤية من ضمن عشرات الرؤى الفلسفية الغربية وليست حقيقة علمية، ولكن رفض الفكرة الإسلامية نتيجة لقناعات مسبقة كان هو المسيطر.

نعود لمصطلح الدولة الدينية الذي هو موضوعنا الأساسي، فهذا المصطلح بمفهومه الغربي بما يحمله من عمق تاريخي وذكريات سابقة له خصوصية غربية مسيحية، ولا يتفق اطلاقا مع الإسلام، فالإسلام ليس فيه رجال دين يحتكرون التفسيرات، بل هم علماء يؤخد من كلامهم ويترك، ولا يعتد بكلام العالم من دون دليل من القرآن أو السنة أو القياس، والعلم الشرعي ليس حكرا على أحد، بينما في العصور المظلمة في أوروبا كان يحرم على المواطنين اقتناء نسخة من الكتاب المقدس، وقام رجال الدين بفرض سطوتهم على العلم وعلى السلطة وعلى كل شيء وحملوا المسيحية أكثر مما تحتمل، ولم تخرج أوروبا من أزمتها سوى بالتحرر من سطوة رجال الدين، وكل هذا ليس في الإسلام، ولكن للأسف يقوم البعض باسقاط التجربة الأوروبية بطريقة (قص ولصق) أو (copy, paste) دون أي فهم للفروق بين ظروف الديانتين وعلاقتهم بشئون الحياة.

فالإسلام ليس دينا للصلاة والصوم والحج وكفى، بل هو نظام شامل ومنهج متكامل للحياة، فهو يحدد مسئوليات الفرد والعبادات المفروضة عليه وحقوقه وواجباته، وفي نفس الوقت فهو ينظم العلاقات الحاكمة بين أفراد المجتمع بشكل يستحيل معه تطبيقها من دون دولة إسلامية تقوم بتطبيق الشرائع وحفظ الحقوق، طبعا ليس كلامي ذما في المسيحية، بل هو توضيح لمن يحاول تطبيق تجارب أمم أخرى وثقافات أخرى وديانات أخرى تطبيقا أعمى، فأني ادعوهم لدراسة الإسلام والشريعة الإسلامية ومعرفة المنهج الصحيح، وأن يجردوا أنفسهم من أي قناعات مسبقة تماما كما يفعلون في دراساتهم عن المناهج الغربية، وسيكون الفاصل بيننا هو الحق والمنطق الصحيح.

"بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"

الاثنين، 19 يناير 2009

مناجاة

كم أنت حليم كم أنت غفور كم أنت كريم يا الله
أعصاك وتسترني
أسألك وتعطني
أقصر في فروضك وتكرمني
استغفرك فتغفر لي
فكم أنت كريم وعظيم وحليم يا الله
وكم أنا عظيم الذنب وضعيف وفقير
فاغفر لي وأصلح لي شأني كله
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين
ولا تؤاخذني إن نسيت أو أخطأت
فاهدني وارحمني وتب علي يا أرحم الراحمين